أدرت الحوار في برنامج تلفازي عرض في قناتي اقرأ والمجد حول العنف وتفجيرات الرياض مع ثلاثة من رجال العلم والفكر هم د. عبد الله المصلح العالم الجليل والداعية المعروف، ود. سعيد بن مسفر القحطاني الداعية المثابر في دروسه ومواعظه، ود. ناصر الزهراني الشاعر وأستاذ الجامعة المعروف ، وقد دار الحوار بقدر كبير من الهدوء، والطرح العلمي البعيد عن العاطفة المتأججة التي تفاعلت بالرفض لما جرى .
ولاشك أن مسؤولية العلماء والمفكرين والدعاة كبيرة في كل وقت، وفي هذه الأوقات العصيبة – بصفة خاصة – حيث ينتظر منهم الناس تبصيرهم بالحق والصواب وفق ما يقرره الشرع الإسلامي الحكيم بأمانة وإخلاص، فالأحداث الساخنة تصيب عقول كثير من الناس بالحيرة ونفوسهم بالاضطراب، وتجعلهم في حالة ضبابية لا يعرفون ماذا يصنعون ولا يدرون من يصدقون، وبمن يثقون من أصحاب الآراء المتضاربة التي تهاجمهم بها وسائل الإعلام والنشر المختلفة.
ومن هنا تعمدت – على قدر الاستطاعة – أن يكون الحوار في ذلك البرنامج هادئاً موضوعياً، وقد تأكد لي من خلال ما كتب عنه في بعض الصحف – في حينه – أن البرنامج نجح – والحمد لله – في طرح الأفكار بأسلوب علمي هاديء .
وكان من بين من اتصل بالبرنامج في تلك الحلقة أحد المسلمين من إحدى الدول الأوروبية، وطرح مسألة مهمة كانت الإجابة عنها في البرنامج مقتضبة لأن الوقت لم يسمح بالتفصيل، ألا وهي مسألة النظر إلى أحداث التفجيرات الآثمة في الرياض وإلى غيرها من الأحداث التي تجري في فلسطين، وذكر السائل فلسطين ، ثم قال: كيف يستنكر المسلمون الأحداث التي جرت في الرياض بهذه الصورة الواضحة المتفق عليها، بينما يجيزون ما يشابهها في فلسطين ؟!
وقد أجاب د. عبد الرحمن المصلح إجابة مقتضبة لم يسمح وقت البرنامج بأكثر منها وأجبته بكلمات مختصرة أيضاً لإزالة هذا الغبش في الرؤية، ولمعالجة أسباب هذا الخلط في الأوراق.
(( شتان بين مشرق ومغرب)) .
نعم.. شتان بين ما جرى في الرياض ، وما جرى في المغرب، وبين ما يجري في فلسطين. ومن الخطأ الواضح القياس بين متناقضين لأن القاعدة تقول: (( لا قياس مع الفارق )) .
في فلسطين لصوص دخلوا الدار بأسلحتهم وظلمهم وعنفهم، فقتلوا من أهل الدار من قتلوا، وهدموا ما هدموا، وسلبوا من المال والأرض ما سلبوا، وزادوا على ذلك ما زادوه من العنف والتخريب وانتهاك الأعراض، وقتل الأطفال والشيوخ، فصار قتالهم واجباً على كل مسلم مستطيع دفاعاً عن الدين والعرض والأرض والمال، لأنهم لصوص ، ولأنهم قتلة صائلون، ونحن نعلم أن من قتل دون دينه أو عرضه أو نفسه أو ماله فهو شهيد، وهذه المسألة واضحة لأنها تجري أمام أعين الناس، ويصل صداها إلى آذانهم، فأين ما يجري في فلسطين من دفاع عن الوطن والمال والعرض، من عمل تخريبي واضح في بلاد الإسلام، يعتدي فيه المعتدون على دماء الأبرياء وأموالهم ومساكنهم، ويروعون به الآمنين؟
إن الخيط الفاصل بين الجهاد والتخريب واضح عند أهل البصيرة والرشد الذين يعرفون مدلولات كتاب الله سبحانه وتعالى وما شرع لعباده من أحكام يضبطون بها حياتهم، ويحفظون بها حقوق بعضهم.
فرق كبير بين مجاهد فلسطيني يقف أمام ركام منزله المتهدم، ويرى الجندي اليهودي المغتصب يصوب إليه فوهة رشاش، يحمل في أحشائه طلقات الغدر والاعتداء ، وينظر إلى جثث أهل وأطفاله متناثرة الأشلاء، فيهب ليدافع عن نفسه بما يستطيع أداء لواجب لو أهمله لأثم بإهماله، وبين رجل يريد أن ينتقم من الأعداء بترويع الآمنين ، وقتل أصحاب الدماء المعصومة بإسلام أو عهد، أو عقد أمان، ولذلك وجب على كل مسلم أن يكون على بصيرة بهذه المسألة ، حتى لا تختلط عليه الأوراق .
إن أعداء الإسلام، يحاولون أن يربطوا هذه المسائل ببعضها، ويبثون – عبر وسائل إعلامهم – رسائل خادعة مضللة يهدفون من ورائها إلى إقناع المسلمين بأن دفاع المسلمين في فلسطين عن أنفسهم إرهاب وتخريب، لا يختلف عن غيره من الأعمال المشابهة في طريقة الأداء ، ولكن الحق الواضح لا يمكن أن يختفي مهما حاول أهل الباطل إخفاءه ونقول:
تعربد إسرائيل في كل بقعة
وتشتد في الدعوى ونحن نلين
إذا لم يرد المرء عن فعل منكر
حياء ، ولم يردعه عنه يقين
فقد ضل حتى لو بدا منه مظهر
جميل، ولو تاقت إليه عيون
السبت مايو 03, 2008 7:10 pm
