موقع الشاعر إبراهيم وشاح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع الشاعر إبراهيم وشاح

أدب وشعر
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أرملة ومجاهد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الميجر.




عدد الرسائل : 12
العمر : 32
تاريخ التسجيل : 01/05/2008

أرملة ومجاهد Empty
مُساهمةموضوع: أرملة ومجاهد   أرملة ومجاهد I_icon_minitimeالسبت مايو 03, 2008 7:12 pm

أرملة ومجاهد

قالت عن زوجها: كان زعيماً وقائداً وأبا وزوجاً وأخاً ومجاهداً بنفسه وماله في وقت واحد، كان يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، وكان قوي الإرادة والعزيمة، وشهماً كريماً حنوناً في بيته خاصة مع بناته، وقد رضيت به زوجاً حينما تقدم لي بعد أن استخرت الله سبحانه وتعالى في الليل، فنهضت في الصبح راضية النفس مطمئنة القلب، لأنني رأيت أنني أسير في طريق خضراء فيها الشيخ الراحل على كرسيه المتحرك ، لقد رضيت به زوجاً برغم إعاقته ، وأنجبت منه ثماني بنات وثلاثة أبناء، وعشت معه في حله وترحاله. حينما اعتقل مدة تسع سنين قمت برعاية أسرتي، وحفظت ماله وعياله وبيته، وبعد أن خرج من المعتقل ليصبح مطلوباً لقوات الاحتلال الصهيوني عشنا جميعاً مطلوبين ، نتنقل أنا وأبنائي وبناتي من بيت على بيت، كنا نخشى على الشيخ أكثر من خشيتنا على أنفسنا .

أذكر أننا تركنا بيتنا المتواضع شهوراً عديدة لم ننعم بحياة أسرية كباقي الأسر، لقد عاش الشيخ للجميع، لم يكن وقته لنفسه وأسرته، بل كان لشعبه وأمته. صحيح أن حياة الشيخ كانت كلها للدعوة والجهاد، اعتقال ومطاردة، ولقاءات ومؤتمرات صحفية، وجلسات إصلاح بين أبناء الشعب الواحد، لكنها – أيضاً – كانت حياة أسرية لها نكهتها وطابعها الخاص، كان الشيخ كثير المزاح مع أفراد عائلته ، كان يلاطف الجميع، أحبه أطفال الحي، يداعب أحفاده، يأتيه أطفال الحارة في أيام الأعياد، يعطيهم كما يعطي أحفاده، كان بيت الشيخ مفتوحاً للجميع، كان مزاراً للقيادات كافة، وللوفود الدولية، ولمراسلي وسائل الإعلام المختلفة، كان برغم سنه وإعاقته يمتلك همة وعزيمة مائة شاب. لم أعهده غضب يوماً إلا لله، كان رؤوفاً محباً للجميع، صدره واسع وعقله كبير، وقلبه يتسع للجميع، كان يقول: اللهم أحيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً واحشرني مع زمرة المساكين، اللهم اجعل من موتي إحياءً لقلوب الأمة . كان لا ينام سوى ست ساعات في اليوم والليلة، جهده ووقته للعبادة والصلاة والإصلاح بين الناس، يبدأ نومه – غالباً – بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً ، ثم يوصي مرافقيه أن يوقظوه في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل ويتجه بعدها إلى صلاة الفجر .

وأقول : ما رأيتكم – أيها الأحبة القراء – في هذه السيرة العطرة ؟ ما رأيكم في هذه الحياة المليئة بالحب والعطف والحنان، لأنها مليئة بطاعة الرحمن؟ ما رأيكم في هذا التدفق البياني الجميل الذي وفقت إليه هذه المرأة الفاضلة المجاهدة – نحسبها كذلك – أرملة الشيخ المجاهد أحمد ياسين – رحمه الله - ؟ أرأيتم كيف يصوغ الإسلام رجاله الأفذاذ؟ وكيف تعود إلينا في كل حين صورة سلف هذه الأمة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه؟ وكيف يظل فجر هذا الدين ساطعاً براقاً برغم ظلمات أهل الشرك والشك والضلال؟ يا لها من أوصاف صنعت جيلاً وستظل تصنع أجيالاً – بإذن الله - .

إن هذه الصورة الحية النابضة التي نقلتها لنا زوجة الشيخ أحمد ياسين لجديرة بأن تنقل عبر كل وسيلة إعلامية ممكنة، لأنها صورة مشرقة فيها من النضارة والبهاء ما يجعلها صالحة لإزالة آلاف الصور المعتمة وآثارها السلبية التي تعرض على أجيالنا نماذج للنجومية والبطولة في مجالات الرياضة وما يسمى بالفن بكل أشكاله وألوانه .

إنها صورة إيمان وهدوء، وخضوع لله وخشوع، صورة جهاد وقوة، ومودة وعطف وحنان وأبوة، صورة أسد هصور في مواجهة الباطل وأهله، وصورة قلب حنون، وشيخ وقور في معاملة الحق وأهله، إنها شدة في غير عنف، ولين في غير ضعف .

رحم الله المجاهد البطل أحمد ياسين وتقبله في الشهداء والصالحين ، وجزى الله زوجته وأولاده وأهله وأعوانه خير الجزاء ، وإنا لنرجو منهم أن يعرضوا صورته المشرقة عرضاً قوياً مستمراً على أجيال الأمة لأن فيها أنموذجاً معاصراً للقدوة .

ستظل نجماً في سماء جهادنا يا مقصداً جعل العدو جبانا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أرملة ومجاهد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الشاعر إبراهيم وشاح :: منتديات الأعضاء :: منتدى الكتابات النثرية-
انتقل الى: